استراتيجية
التدريس والتعلم المنعكس
Flipped Learning
إن التعليم ميدان متطور ومتغير بشكل متسارع واستخدام وتسخير التكنولوجيا
في العملية التعليمية تجعل لهذا التغير والتطور أثراً أكبر وأدوم ومن هنا فقد وجد
أن التعليم التقليدي المعتمد على التلقين والحفظ وإلقاء الدروس في الحصص المعملية
وحل الواجبات في المنزل عملية مملة تقتل الحماس والإبداع وتقلل من دافعية
المتعلمين. وتبرز أهمية استراتيجية التعلم المنعكس بأنها تقلب مفهوم التعليم
التقليدي من كون المحتوى العلمي يعطي داخل الفصول ليتم التطبيق فالمنزل ليكون
التعرف على المحتوى العلمي يبدأ من المنزل بحيث يتم استثمار وقت الحصة الدراسية
للقيام بأنشطة تعليمية متعلقة بالمحتوى سواء كانت فردية أو جماعية بإشراف المعلم
ليتحول الفصل إلى ورشة عمل نشيطة. والتعلم المنعكس يستخدم الفيديو الذي يمكن
تصويره بطرق وأساليب مختلفة بوصفه أداة تعليمية بهدف اختصار الوقت اللازم لتوضيح
المفاهيم الأساسية وليحصل المتعلم على الدعم أكبر من المعلم والزملاء داخل غرفة
الصف. وهذا الأسلوب التعليمي يختصر الوقت والجهد الذي يبذله المعلم في الشرح والتوضيح
ليحل محله داخل الصف حل مسائل وأداء الأنشطة والعمل على فهمها. وتوظيف الكثير من
المهارات الحياتية المطلوبة. ويعتبر المختصين التعليم المنعكس الوسيلة الأفضل
لتطبيق تكنولوجيا التعليم دون المساس بمبادئ التعليم التقليدي الذي يعتبر التفاعل
المباشر بين المعلم والمتعلم من جهة وبين المتعلمين فيما بينهم من جهة أخرى ركيزة
أساسية لبناء التعلم.
نموذج التعلم المنعكس هو نموذج تربوي يرمي إلى استخدام التقنيات
الحديثة والإنترنت بطريقة تسمح للمعلم بإعداد الدرس عن طريق مقاطع فيديو أو ملفات
صوتية أو غيرها من الوسائط، ليطلع عليها المتعلمون في منازلهم أو في أي مكان آخر
باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللحية قبل حضور الدرس. في حين
يخصص وقت المحاضرة للمناقشات والمشاريع، التدريبات. ويعتبر الفيديو عنصرا أساسياً
في هذا النمط من التعليم حيث يقوم المعلم بإعداد مقطع فيديو مدته ما بين ٥ إلى ١٠
دقائق ويشاركه من المتعلمين في أحد مواقع الإنترنت أو شبكات التواصل الاجتماعي. وهكذا
فإن مفهوم التعليم المنعكس يضمن إلى حد كبير الاستغلال الأمثل لوقت المعلم أثناء
الحصة، حيث يقيم المعلم مستوى المتعلمين في بداية الحصة ثم يصمم الأنشطة داخل الصف
من خلال التركيز على توضيح المفاهيم وتثبيت المعارف والمهارات. ومن ثم يشرف على
أنشطتهم ويقدم الدعم المناسب للمتعثرين منهم ومن ثم تكون مستويات الفهم والتحصيل
العلمي عالية جداً، لأن المعلم راعى الفروقات الفردية بين المتعلمين وعزز التفاعل
الإيجابي والتعاون بينهم.
كما أن المتعلم في الفصول التقليدية يحاول الاستماع لعرض الدرس وفهمه
في آن معاً دون توفر وقت للتفكير والتأمل والرابط والتحليل لمحدودية وقت الدرس واضطرار
المعلم لتغطية جميع النشاطات المطلوبة منه خلال الحصة الدراسية. في جين أن استخدام
الفيديو وغيره من الوسائط المعدة مسبقاً تجعل الدروس تحت تحكم وسيطرة المتعلم بحيث
يمكنه المشاهدة والإعادة والتوقف متى شاء. وقد تكون هذه الميزة ذات أهمية أكبر ونفع
عظيم للمتعلمين من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل ذوي صعوبات التعلم وصعوبات السمع
بحيث يعرض الفيديو مدعماً بنص مقروء أو مسموع للمتعلمين الأجانب الناطقين بغير
اللغة التي يتعلمون بها مما يتيح لهم فهماً أكبر للمحتوى العلمي.
مراحل
تطبيق استراتيجية التعلم المنعكس
·
يستعد المتعلمون
للدرس عن طريق مشاهدة مقاطع فيديو أو الاستماع إلى تسجيل صوتي أو قراءة مقالات
والإجابة عن أسئلة تقيس معارفهم السابقة.
·
يطلب من المتعلمين
التأمل فيما تعلموه وفهموه من المواد التعليمية وتدوين تساؤلاتهم والأفكار التي
يودون الاستيضاح عنها وفهمها بشكل أفضل.
·
يرسل المتعلمون
تساؤلاتهم وأفكارهم عبر شبكة التواصل الاجتماعي التي تم اختيارها لدعم التواصل بين
المتعلمين والمعلم.
·
يطلع المعلم على
مكتبة المتعلمين قبل موعد الدرس ليقوم بتصنيف الأسئلة وترتيبها وتصميم المحتوى العلمي
للدرس الذي سيركز على الإجابة عن تساؤلات المتعلمين والنقط التي لم يستوعبها عوضاً
عن إضاعة الوقت في شرح ما هو مفهوم بالنسبة لهم.
·
داخل الفصل يقوم
المعلم باستخدام النظرية البنائية في التعليم القائمة على طرح التساؤلات والبحث عن
إجابات وحلول للمشكلات بحيث يطرح المعلم التساؤل أو المشكلة ويبحث المتعلمون بشكل
جماعي عن حلول وإجابات.
·
ينحصر دور المعلم في
الاستماع للحوار الدائر بين المتعلمين وتوجيههم ومساعدتهم حين الحاجة.
إيجابيات
التعلم المنعكس
- يضمن الاستغلال الجيد والأمثل لوقت الحصة الدراسية.
- يتيح للمتعلمين إعادة الدرس أكثر من مرة بناءً على فروقاتهم الفردية
وقدرة الفهم والاستيعاب.
- يستغل المعلم وقت الحصة للتوجيه والتحفيز والمساعدة.
- يبني علاقات أقوى بين المعلم والمتعلمين.
- يشجع على الاستخدام الأفضل للتقنية الحديثة في مجال التعليم.
- يتحول المتعلم إلى متعلم نشط باحث عن مصادر معلوماته.
- يعزز التفكير الناقد والتعلم الذاتي وبناء الخبرات ومهارات التواصل
والتعاون بين المتعلمين.
أثر
التعلم المنعكس على لمتعلم والتعليم
إن تطبيق استراتيجية التعلم المنعكس تغير من دور المعلم من كونه
القائد والأساس ومحور العملية التعليمية ومصدر المعلومات ليكون عضواً فاعلاً مع
مجموعة المتعلمين يوجههم ويرشدهم ويحفزهم ويساعدهم على تجاوز عثراتهم ويمكنهم من
تطوير مهارات التعلم الذاتي. ويصاحب في هذا التغيير تغير في دور التعلمين الذين اعتادوا
أن يكونوا متعلمين سلبيين متلقين للمعلومات ليصبحوا مسؤولين عن تجربتهم التعليمية
فاعلين في توجيهها حسب احتياجاتهم ونشطين في تطبيق واكتشاف معلوماتهم المكتسبة
الجديدة. إن من أهم الآثار التعليمية الملموسة حين تطبيق التعلم المنعكس هو نقل
التعليم من مرحلة المعرفة والفهم للمحتوى العلمي إلى مرحلة التطبيق والإتقان.
إعداد: رحاب الجريّد
المراجع:
[1] J. Bergmann, A. Sams, and W. Park, “The Flipped Classroom. An approach to
teaching and learning,” p. 16.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق