عبر العقود السابقة
كان التعليم مستمرا بالصورة التقليدية التي تتطلب من المتعلمين والمعلمين الحضور
للمدرسة لتتم العملية التعليمية. ولكن في الآونة الأخيرة وفي ظل الثورة التقنية
العلمية بدأنا نرى تغييرا كبيرا في التعليم والتعلم، حيث توجه كثير من المتعلمين
إلى التعلم الإلكتروني أو التعلم عن بعد. والتعلم الإلكتروني هو: استخدام تقنيات
الإنترنت للوصول إلى المحتوى التعليمي على الويب في أي مكان و زمان [1]. وفر
التعلم الإلكتروني الكثير من الفرص للمتعلمين للوصول إلى كم هائل من المعلومات
بتكلفة وجهد أقل وأصبحنا نرى الكثير من نتائجه المثمرة.
ولكن على الرغم من ميزات التعليم
الإلكتروني إلا أنه كغيره من التقنيات يواجه بعض العيوب، ومن أبرزها أنه في
بداياته لم يكن يراعي الفروقات بين المتعلمين. حيث إن المحتوى المعروض هو نفسه
لجميع المتعلمين وكان يقوم على مبدأ أن: "مقاس واحد مناسب للجميع" [2]،
والحقيقة أن كلمة "الجميع" في بيئة التعلم الإلكتروني لها معنى واسع
جدا، حيث إن الجمهور لمقررات التعلم الإلكتروني كبير جدا، والمتعلمون مختلفو
القدرات والأعمار والخلفيات العلمية، ومن غير المنطقي أن يتم توجيه نفس المحتوى
لهؤلاء المتعلمين.
ظهر "التعلم المتكيف" أو
"التعلم التكيفي" كحل لهذه المشكلة حيث إن التعلم التكيفي هو عبارة عن
طريقة تعليم تعتمد في عملها على برامج مبنية على خوارزميات الحاسب. يتفاعل المتعلم
مع هذه البرامج ليتم استكشاف خصائصه وسمات شخصيته ليتم تقديم تعليم مناسب له بناء
على خصائصه وقدراته الشخصية. في التعلم التكيفي يتم تغيير طريقة عرض المعلومات
بناء على احتياجات المتعلمين التي تم تحديدها استقاء من طريقة إجاباتهم على
الأسئلة والمهام المناطة بهم. تقوم هذه التقنية على عدد من العلوم المتداخلة مثل:
علم الحاسب الآلي، الذكاء الاصطناعي، علم النفس، نظريات التعليم وعلم الدماغ
البشري [3].
اعتمد كثير من الباحثين أداة "Index of
learning Style (ILS)" وهو اختبار يقوم
بتحديد نوع المتعلم بناء على تفضيلاته بإجابته على اختبار مكون من 44 سؤال. فقام
الباحثون في مجال التعلم المتكيف باستخدام هذا الاختبار مع الطلاب قبل البدء في
مقررات التعلم الإلكتروني لتحديد تفضيلاتهم. وعلى أساس نوع التعلم المفضل للطالب
من نتيجة الاختبار يتم تقديم طريقة التعلم الأنسب له سواء في طريقة عرض المحتوى أو
في ترتيب عرضه. كما قام الباحثون مؤخرا بدمج التعلم التكيفي مع مجال "تحليل
مخرجات التعلم" للقيام باتخاذ تدخلات تحسينية تساعد المتعلم للوصول لأفضل
بيئة تعلمية مناسبة لشخصيته ومستواه التعليمي. ففي عدد من الدراسات قام الباحثون
باعتماد مقياس (ILS) في بداية المقرر مع
بعض الأسئلة للطلاب لمعرفة أهدافهم من دراسة هذه المقرر لجمع بعض البيانات
المبدئية عن الطلاب. يتم أخذ هذه البيانات وتحليلها بتقنيات التنقيب عن البيانات
لاتخاذ قرارات مدروسة مناسبة للقيام بدعم الطالب وتوجيه المحتوى المناسب له
[4]–[6].
بالإضافة إلى استخدام التعلم المتكيف في
المقررات الاعتيادية تم استخدامه في مجال ألعاب الـ (Serious games- الألعاب الجادة) عن طريق تصميم ألعاب
تعليمية تقوم بتكييف نفسها وتغيير مستوى الصعوبة المقدمة في مستويات اللعبة بناء
على مستوى اللاعب بحيث تزداد صعوبة كثافة المادة التعليمية المضمنة في اللعبة مع
تقدم اللاعب في المستويات. وأظهرت الدراسات والأبحاث فاعلية هذا الاتجاه حيث زاد
إقبال المتعلمين على استخدام هذه الألعاب .
أخيرًا، ننصح المتخصصين في تقدم المواد
التعليمية والمقررات في مجال التعليم الإلكتروني القيام بتصميم مقررات تتكيف مع
مستوى الطلاب ليكون التعليم أكثر ملائمة للمتعلمين و للوصول بهم إلى بيئة تعليمية
مناسبة، ممتعة، ومثمرة.
المراجع:
[1] M. J. Rosenberg and R. Foshay, ‘E-learning: Strategies for delivering
knowledge in the digital age’, Performance Improvement, vol. 41, no. 5, pp.
50–51, May 2002.
[2] M. A. Chatti, M. Jarke, and D. Frosch-Wilke, ‘The future of e-learning: a
shift to knowledge networking and social software’, International Journal of
Knowledge and Learning, vol. 3, no. 4–5, pp. 404–420, Jan. 2007.
[3] P. Brusilovsky and C. Peylo, ‘Adaptive and Intelligent Web-based
Educational Systems’, International Journal of Artificial Intelligence in
Education, vol. 13, no. 2–4, pp. 159–172, Jan. 2003.
[4] I. Karagiannis and M. Satratzemi, ‘An adaptive mechanism for Moodle based
on automatic detection of learning styles’, Educ Inf Technol, pp. 1–27, Nov.
2017.
[5] I. Karagiannis and M. Satratzemi, ‘A Framework to Enhance Adaptivity in
Moodle’, in Adaptive and Adaptable Learning, 2016, pp. 517–520.
[6] I. Karagiannis and M. Satratzemi, ‘Enhancing Adaptivity in Moodle: Framework
and Evaluation Study’, in Interactive Collaborative Learning, 2016, pp.
575–589.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق